الأربعاء 27 نوفمبر 2024

الجزء الثاني بقلم سارة المصري

انت في الصفحة 13 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز


مش بالكلام 
شهر قد مضى عليها وهى تقيم فى منزل ايلينا القديم فقد رفضت العودة معها الى القصر بعد كل ما تسببت لها هذه العائلة من الم أخفت الأمر برمته عن صديقتها وأخبرتها فقط بحاجتها الى البعد لتعييد تقييم علاقتها بزين من جديد لم تشأ ان تقحم ما فعلته به هذه العائلة ليفسد ما بين ايلينا ويوسف فهي تعرف أن صديقتها لن تمرر ما حدث ان علمت به مرور الكرام فى البداية شعرت بڠضبها على زين فهو لم يهتم بالسؤال عنها كأن لم يجمعهما شيئا ذات يوم 

هل تضايق لأنها طردته من غرفتها يوم ان ظنت انه من فعل تلك الفعلة الشنيعة 
ام تضايق هو من سوء ظنها به 
من من حقه ان يغضب من الاصل 
هى من اهماله 
ام هو من رد فعلها 
قضت اغلب اوقاتها فى الرسم وانتظمت ايلينا في زيارتها يوميا لتقضى معها بعض الوقت مكررة محاولاتها لاعادتها الى القصر دون جدوى اتخذت قرارها ذات لحظة بالعودة من حيث أتت ورأت ان هذا افضل للجميع ولكنها تحججت بحالتها الصحية التى لم تستقر بعد لترجىء الأمر قليلا حجة واهنة ساقتها مشاعرها المعذبة واستجاب الجسد وأعلن ضعفه بالفعل ليثبت مصداقيتها أكثر فهي لاتحتمل البعد لا تحتمل الفراق 
مر الوقت 
خفت صوت العقل تماما 
تمكنت المشاعر من كل شىء 
احتل زين وشوقها اليه كل ذرة من تفكيرها 
شوق عارم محا كل قسوته فى لحظة واتخذ له كل الاعذار بل وضعه فى مكان الضحېة 
مبررات كثيرة اتخذها قلبها له ورفضها عقلها ليثور القلب ناثرا فوضاه بكل ذرة من احساسها فيرفع الكيان بأسره رايته البيضاء مهزوما فلم يعد لشىء سلطان عليه 
فتحت هاتفها وطالعت بعض الصور التى التقطتها لهما سويا 
كم منعت نفسها من مطالعتها حتى لا يتغلب الشوق عليها وبما أن المعركة قد حسمت فلا ضير أبدا أن تراهما مرة واثنان وعشرة 
ابتسامات وديعة نظرات تحطها بالدفء والأمان هذا لم يكن وهما مطلقا بل كانت حياة بأسرها حياة عاشت كل لحظة بها وانتظرت ما لم تعشه بعد منها 
هي لم تحتج صورة على هاتف لتدرك هذا 
لم تحتج أن تتذكر ما لم تنساه من الأساس 
زين الدين في كل شىء تحط نظراتها مرساه عليه بل بين جفونها ان أغلقتها عن العالم 
بين ألوانها التي تمزجها لتصنع لوحة وفي أوراقها التي لم تمسها أقلامها بعد 
تنهدت بعمق وهي تستسلم تماما و تدير رقمه ليدق قلبها وترتعد يدها وهى تشعر ان ما يفصلها عن سماع صوته هى تلك الرنات السخيفة 
كادت ان تنهى المكالمة حين اوشك الرنين على الانتهاء ليقطع صوته كل شىء وكأنه يأتيها من داخلها وليس عبر الهاتف 
صوفيا 
ازدردت ريقها وحاولت التحكم فى ارتعادها حتى لا يسقط الهاتف منها لحظات من الصمت استمعت فيها فقط الى أنفاسه فتتهدت في عمق وكأنها تسحب هذا الهواء الذي يخرج منه الى صدرها عله يحمل بعضا من رائحته وكثير من ذكراه حملت نبرتها بما تبقى بها من تماسك وهي تهمس 
زين ممكن اشوفك ضرورى 
وفى المكان والموعد المحدد جلست أمامه محاولة الحفاظ على ثباتها وهى تتأمل هدوئه الذى ازعجها واقلقها 
تبا له الا يشعر بشىء من شوقها الذى كاد ان يجعلها تضمه امام الجميع حتى لو رغما عنه متناسية كل ما حدث لها بسببه 
تأملت ملامحه للحظات وهو يعبث بكوب العصير امامه فى شرود دون ان ينظراليها فهمست فى عتاب 
هنت عليك يا زين طول الفترة اللى فاتت دى متسألش عنى 
تنهد وهو يرفع رأسه ببطء اليها 
كنا محتاجين فترة نبعد يا صوفيا عشان نقدر نفكر كويس 
واضاف بشبح ابتسامة واهنة 
لو مكنتيش اتكلمتى انتى النهاردة كنت هكلمك انا بكرة او بعده بالكتير 
ابتسمت وهي تمد كفها في تردد تتمنى لو لامست أنامله ولكنها قبضته وأعادته في منتصف الطريق تسأله ان كان لازال هذا حقها أم لا 
يعنى وحشتك 
أرادت ان تطمئن نفسها باجابته ارادت ان تحصل منه على اقراره بهذا 
نظر لها طويلا قبل ان يعود بظهره الى مقعده فى استرخاء 
صوفيا اسمعينى انا فكرت كويس الفترة اللى فاتت ووصلت ان انا وانتى مينفعش نكمل مع بعض بأي شكل 
تصلبت عضلات وجهها تستوضح منه ماقاله 
انت قولت ايه 
تابع وهو يقطب حاجبيه ويتحاشى النظر اليها لا يتحمل ابدا ان يرى صډمتها فيه 
انا وانتى غير بعض فى كل حاجة مستحيل نقدر نتجمع فى نقطة واحدة انتى انسانة متهورة مبتديش فرصة لعقلك انه يفكر مبتعمليش حساب لاى حد ولا اى حاجة مهما احذرك ومهما احاول معاكى برضه بت 
قاطعته بعينين التمعت فيهما دموع القهر هاتفة 
انا عملت كدة عشان ايتن عارفة انى اتصرفت بتهور بس مكنش قدامى حل تانى 
رد فى قسۏة متعمدة وهو يضرب المائدة بكفه وضع نفسها في خانة الذنب يذبحه وهو الجاني والمذنب والمشتت 
وانا مش هقدر استحمل تهورك ده انا كنت انسان ماشى بعقلى عارف انا عاوز ايه كويس من ساعة ما ظهرتيلى وانتى خلتينى اقبل بحاجات عمرى ما كنت اتخيل انى هقبلها انا مش عارف هقدر مستحمل ده ولا لا بس اللى متأكد منه ان اختلافنا ده فى يوم هيقضى على اى مشاعر جوانا 
هزت رأسها في الم تحاول أن تجمع شتات أمرها بأي كلمة ما يخبرها به ليس مجرد عبارات ينهي بها عاشق علاقته بمعشوقته بل أنه ينهي حياتها بأسرها التي لخصت كل معانيها به يشوه حبا راهنت عليه بعمرها كله 
لا يا زين ارجوك حبى ليك مش بالضعف ده ابدا حبك غيرنى غير فيا حاجات كتير بلاش تسيبنى زيهم يا زين انت غيرهم 
نظر لها لحظات وبعدها اشاح بوجهه وهو يقول بصوت متهدج بعض الشىء 
خلاص يا صوفيا انا خدت قرارى وكل حاجة بينا انتهت 
تمتمت وهى على وشك الاڼهيار كأنها لم تعد تسمعه 
لا لا انت لا انت مش زيهم انت مش زيهم 
اغمض عينيه بقوة محاولا اضفاء
التماسك على عبارته 
الحب لوحده مش كفاية كل حاجة بينا انتهت ومسح وجهه بكفيه قبل ان يتابع وكأنه يطلق رصاصة مباشرة الى قلبها لينهي أي أمل لديها 
انا وسمر فرحنا اخر الشهر الجاى 
هل ما سمعته كان حقيقيا زفافه على اخرى للحظة طنت ان الأرض قد توقفت عن الدوران وان اللغة ربما تبدلت حروفها ومعانيها او هى بعدها لم تتعلمها من الاساس او ربما كان من يجلس امامها يحمل وجه زين وليس هو ابدا 
تعلم بحب بسمر له فربما تتوهم 
أمسكت بطرف المائدة وهي تحاول النهوض 
انت قولت ايه هتتجوز 
لم يرد فانسابت دموعها اكثر وهى تهتف فى مرارة 
حبتها امتى يا زين 
رد دون ان ينظر لها 
قولتلك الحب مش مهم ساعات التفاهم لوحده كفاية 
اشارت الى صدرها بقبضتها تهمس في قهر 
وانا انا يازين صفحة واتقفلت تجربة وانتهت حالة كأنها ما اتعشتش ولا مرت فى حياتك 
واضافت وهى تمسح دموعها بظهر يدها في حړقة 
انا سامحتك يا زين على كل حاجة سامحتك
على البهدله اللى اتبهدلتها بسببك على اهمالك ليا سامحتك واعتبرت نفسى الغلطانة مش قادرة اصدق انك ترمينى بالشكل ده انت وعدتنى انك مش هتسيبنى ابدا وعدتني انك كل اهلي انت ابويا وأخويا وصاحبي و حبيبي 
نهض فى بطء محاولا الا يجعل دموعها على هذا النحو تؤثر به فالشعرة الضعيفة التي تفصله عن التراجع ستحترق بڼار لوعته 
صوفيا اكيد فى يوم هتلاقى حد يحبك وي 
دفعته فى صدره صائحة تمنعه من امتهان حبها المقدس 
ولا كلمة ولا كلمة انا زين حبيبى هيفضل فى قلبى عمرى كله 
وتمعنت به لتضيف في نبرة بائسة وهي تهز رأسها في قوة 
لكن انت مش هوا مش هوا مش دى طريقة كلامك ولاده الأمان اللى كنت بحسه معاك 
وفرت من امامه وصوت نحيبها يصله حتى غادرت ليجلس على مقعده فى تهالك 
هل حقا هو الرحيل بلا عودة 
هل عيناها التى طالما سحرته بكت أمامه هكذا دون أن يخضع ولو للحظة ويتراجع 
هل كتبت كلمة النهاية في هذه القصة 
نظر الى حيث خرجت وهو يهز رأسه فى الم لا يعلم احد على الارض بما يحمله غيره 
عاد بذاكرته اسبوعا للخلف الى ذلك اليوم المشئوم لم يكن احد فى المنزل وقتها حين عاد من عمله واثناء مروره الى غرفته توقف وهو يمر بغرفة سمر ولفت نظره صوتها المرتفع وهى تحادث احد الاشخاص تليفونيا 
يعنى ايه عايز تتخلى عنى ازاى بعد كل اللى حصل بينا اواجه عمى ازاى اواجههم كلهم ازاى 
فقد اعصابه مما سمع فالأمرلا يحتمل سوى تفسير واحد ماذا حدث بهذا المنزل ايتن ثم سمر اتسعت عيناه هلعا لقد سمعها تقول انها سلمته نفسها باعت شرفها تلك الحمقاء فتح الباب دون ان يطرقه وتوجه اليها فى بطء هاتفا 
ايه اللى سمعته ده 
انتفضت سمر فى ړعب وسقط الهاتف منها وهى تقول فى تلعثم 
زين 
امسك ذراعها بقوة هاتفا من بين اسنانه 
انطقى انتى عملتى ايه سلمتى نفسك لمين وليه 
تأوهت سمر قائلة 
سيبنى يا زين انا معملتش حاجة 
اضاف وهو يضغط على ذراعها اكثر 
وايه اللى

سمعته ده وخاېفة ليه تواجهينا 
لم ترد فدفعها للحائط لټرتطم به فى عڼف وهو ېصرخ بها 
ازاى تعملى كدة فى نفسك وفينا 
نظرت له فى مرارة وقالت 
انت السبب يا زين 
تراجع فى ذهول فواصلت 
ايوة انت انت اللى رفضت مشاعرى وخلتنى اروح ادور على اى حد ينسينى حبى ليك حتى لو وصلت انى اسلمه نفسى ايوة سلمتله نفسى 
لم يتحمل اعترافها الصريح فصفعها على وجهها بقوة القت بها ارضا فصړخت وهى تحاول النهوض 
ايوة انت السبب فى كل حاجة عمرى ما هسامحك يا زين انت ضيعتنى فاهم ضيعتنى 
وقبل ان يتحرك خطوة قاطعته صړخة ابيه 
ايه اللى بيحصل بالظبط 
انتفض الاثنان على صړخة محمود الذى وقف خلفهما يمسك مقبض الباب بقوة وهو يعتصره كأنه يفرغ به شحنات غضبه بينما مسحت سمر دموعها بظهر يدها وهى تنظر الى زين الذى تصلب فجأة 
هل يخبر ابيه ان ابنة اخيه ساقطة 
هل يخبره بأنه لم يجيد تربيتها هى والأخرى التى كادت ان تلحق بمصيرها لولا صوفيا 
اللعڼة هل يشعر بالتشفى فى ابيه 
انتشله ابيه من افكاره وهو ېصرخ پغضب عارم 
حد فيكو ينطق زين انت كنت بتتهجم على بنت عمك 
اتسعت حدقتا زين فكيف يظن ابوه فيه هذا 
أخرسته الصدمة تماما 
أيعقل ان يعتدى على ابنة عمه شرفه وعرضه 
ولكن ما تخطى ذهوله بمراحل ما فعلته سمر اذ تخلصت من ذهولها بسرعة لتعيد ترتيب المشهد باخراج محترف لم يعرف له نظير اندفعت فجأة الى عمها وارتمت بين ذراعيه وهى تبكي قائلة 
الحقني يا عمي ابنك غدر بيا ودبحني 
الفصل الثامن عشر 
لم ينطق زين بحرف واحد للحظات وهو يتأمل سمر ترتعد بين ذراعي أبيه وتتقن دورها الى الحد الذي تستحق عليه الأوسكار 
لم يصدق أن سمر هادئة الطباع التي اعتبرها بمثابة أخت صغرى له يخرج من جعبتها كل هذا 
أمسك محمود سمر من كتفيها
 

12  13  14 

انت في الصفحة 13 من 19 صفحات