الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

الجزء الثاني بقلم سارة المصري

انت في الصفحة 11 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز


الصوت الذى وقف على الباب يحتبس دموعه في مقلتيه في محاولة بائسة للاحتفاظ بما تبقى من كرامته ربما ساعدته حالة الصدمة التى لازال تحت تأثيرها في ذلك اقترب في بطء 
نظر لها في شرود وكأنه يتعرف ملامحها لأول مرة 
كأن هذه لا تمت لحبيبته التي عاش في عشقها منذ طفولته بصلة 
همس فى الم يقاومه باستماتة ولكن ربما المۏت بما يصاحبه من انتزاع الروح من الجسد لهو أخفأ وطأة من المه هذا 

كفاية اوي يا بنت عمي للدرجادي للدرجادي بتكرهيني لدرجة انك تهربي مع واحد تاني عشان متتجوزنيش ليه انا سألتك وانتي رديتي وقولتي مش فارقة ادتيني أمل انك مع الوقت هتحبيني 
واضاف بنبرة حملت من القهر اكثر مما حملت من الثورة 
كنتى قولي انك مش عاوزاني كنتى ارفضيني وعمري ما كنت هغصبك للدرجادي مشاعري مكنتش فارقة معاكي 
واستدار في بطء مثقلا بانكساره وصډمته ليواجه عمه لائما 
وانت يا عمي مفكرتش فيا مفكرتش غير ان تدي لبنتك واحد بيحبها وبيعشق التراب اللى بتمشي عليه لكن مش مهم هوا المهم هيا تاخد وبس تاخد حبي ليها وخوفى عليها لكن انا اخد چرح وتقليل وتجاهل 
اختلجت شفتي محمود وهو يحاول أن يبحث عن رد مناسب فلم يمهله حسام فرصة ليلتفت الى ايتن التي كانت تنتفض من البكاء مواصلا 
انتى اعتبرتي حب ليكي ضعف وفعلا هوا كان كدة حبي ليكي هوا اللى خلاني افضل عايش فى البيت ده واشتغل مع عمي وانسى اى طموح ليا بس عشان اكون قريب منك حبى ليكي عماني عن تصرفاتك وتقليلك مني واستهتارك بمشاعري 
واشاح بوجهه عنها وهو يخلع دبلتها من خنصره 
خلعها في سرعة وقسۏة ربما أراد بها عقاپ نفسه قبلها على افناءه لعمره في حب من لاتستحق نظر لها لحظة كأنه يودع معها ماضيه بأسره قبل ان يضعها على مكتب عمه قائلا 
كفاية فعلا لحد كدة أنا بحلك من أي ارتباط روحي عيشى حياتك بالشكل اللى يعجبك ومع الانسان اللى انتي عايزاه انا من النهاردة ابن عمك وبس وحقي أنا مسامح فيه 
ونظر الى عمه مضيفا فى هدوء 
عمى أنا مستقيل من الشغل والبيت انا هسيبه وهرجع فيلا بابا الله يرحمه وسمر براحتها عاوزة تيجي معايا أو تفضل براحتها 
هنا نطق محمود أخيرا استجمع ما أمكنته حالته من كلمات 
حسام اسمعني انت ابني زي زين ويوسف وانا لما اخترتك لايتن اخترت اغلى حاجة عندي وادتهالك مش زي ما أنت متخيل اني مفكرتش غير فى بنتي وبس 
وامسك بكتفيه مواصلا في حنان حاول به تفتيت شعور ابن أخيه بالقهر والظلم 
أنا مش هقدر الومك ولا أراجعك فى قرار ليك كل الحق فيه أما بالنسبة للبيت والشغل فده بيتك وفلوسك يا حسام محدش بيتصدق عليك بيهم 
ابتسم حسام في ألم 
عمي من فضلك أنا محتاج ابعد أرجوك انا خلاص خدت قراري 
ونظر اليها لاخر مرة كأنه يودع كل مشاعره تجاهها كأنه يخبرها أنه سيخنق قلبه بيده ان نبض بحبها من جديد 
لم تملك سوى أن تعتذر بعينيها فكلماتها في مثل هذا الموقف ستكون محض وقاحة من الجميع لم تتخيل أنه يحبها لتلك الدرجة 
لم تتخيل أنه تنازل عن كل شىء فقط ليبتعد عن جرحها له 
لم يكن بالضعف الذي تتخيله بل كانت هي ضعفه الذي خلعه عنه الان مع دبلتها ليبدأ كتابة صفحة جديدة من حياته 
وخزات الضمير المؤلمة قد تكالبت عليها تجاه زين الذي أفقدته حبيبته 
تجاه صوفيا التي عرضتها للامتهان 
تجاه ابيها الذي تلاعبت بكرامته 
وتجاه حسام الذي جعلها تفكر بأي منطق كانت ستفر منه دون أن تفكر مطلقا في كرامته كرجل 
نظرة أخيرة من زين أحړقتها نظرة رجل خسر حبيبته وللأبد حبيبته التى نبض لها قلبه من بين كل نساء الأرض وخسرها بسببها وماذا عن أمها لو علمت بعد عودتها ماذا بامكانها أن تضيف الى الامها ايضا 
عاد يوسف من المرحاض بعد أن انتهى من غسل يده الى ايلينا التي كانت على مائدتها تواصل تناول طعامها فى أفخم مطاعم مدريد 
جاء من خلفها ليراها تحاول العبث بهاتفه تنهد وهو يحاول أن يتجاوز هذا لازالت على وضعها بعدم الثقة به حتى وان ادعت العكس ماضيه لازال يقف عقبه بينهما 
مسح وجهه بيده وهو يحاول أن يقنع نفسه ان كل هذا سيتغير مع الوقت فالثقة مجرد بذرة تحتاج الى رعاية من الطرفين لتتشعب جذورها وتثبت اكثر في نفس كل منهما 
لف ذراعه حول كتفيها فانتفضت وهي تضع يدها على صدرها وتمسك الهاتف بيدها الأخرى ليمد أصابعه تجاه هاتفه هامسا في أذنها 
ايلينا 
انتفضت لترد في تلعثم 
أنا كنت 
قاطعها وهو يهمس مجددا لا يريدها أن تكذب 
كلمة السر ايلينا 
قالها وهو يكتب الحروف فى بطء ليفتح الهاتف أمامها قبل وجنتها بسرعة قبل ان يعود الى مكانه في الكرسى المقابل لها 
لاحظ توترها وهي تحاول أن تسوق أي مبرر لما يحدث فقال ليعفيها من الحرج 
هوا موبايلك فاصل ولا ايه عايزة تكلمي مين 
تنهدت لتجيبه بما تريده في صدق 
عايزة أكلم صوفيا موبايلها مقفول بقاله يومين ومش عارفة أوصلها قلقانة عليها أوي يا يوسف 
تناول الهاتف منها قائلا 
هاتي أكلم زين أكيد عارف مكانها 
قبضت على كفه وهي تناوله الهاتف لتسأله في دهشة 
أنت عارف اللي بين صوفيا وزين 
ابتسم وهو يرفع حاجبيه 
زين مقوم البيت كله حريقة بقاله كام شهر عشان خاطرها 
مالت اليه في ترقب 
وأنت يا يوسف رأيك زيهم 
مال بدوره اليها 
قبل ما أعرفك اه كان ممكن يكون رأيى زيهم بس من بعد ما عرفتك وعشت السعادة اللى مكنتش أتخيل اني أعشها شايف ان اللي بيتجوزو من غير حب بيفوتهم كتير 
وغمز بعينه وهو يتناول كفها ليقبل باطنه 
وأنا مش عايز أخويا يفوته حاجة 
رمقت نظراته الشغوفه بها فاحمرت وجنتيها وهمهت في خجل 
مش هتكلم زين 
اعتدل من جديد وهو يبتسم ويحتفظ بكفها فى يده قائلا 
هنكلم زين 
وضع الهاتف على أذنه ولحظات وتجهم وجهه تدريجيا وهو يقول في حذر 
تعبانة من امتى يا زين 
ارتعدت ايلينا وسحبت كفها من يده وانتفضت لتقف الى جواره في ترقب حتى أنهى مكالمته ليقف مواجها لها يخبرها في حزن 
للأسف صوفيا تعبت شوية ونقلوها المستشفى 
أمسكت بذراعه تسأله في خوف واضح 
امتى حصل الكلام ده وحالتها ايه 
ضمھا تحت ذراعه يطمأنها 
اهدى حبيبتي هيا كويسة 
نظرت له فى هلع ينفي تصديقها له 
أنا خاېفة عليها اوي يا يوسف 
ربت على وجنتها لتهدىء 
هتبقى كويسة ان شاء الله زين قال حاجة بسيطة 
رفعت رأسها اليه بعينين دامعتين ففهم ما تعنيه دون أن تنطق فهم خجلها فيما تريد طلبه فتنهد في عمق قائلا 
حاضر يا ايلينا هنسافر على أول طيارة 
أمسكت كفه تسأله في حب 
يعنى انتي مش متضايق ولا زعلان 
هز رأسه يجيبها في رقة 
من جهة زعلان فأنا زعلان ان احنا هنرجع ومكملناش اسبوعين 
وقبل أن تنطق وضع اصبعه على شفتيها مواصلا 
بس انتى مادام معايا المكان مش هيفرق هنعوضها ان شاء الله 
هنا لم تهتم مطلقا بمن حولها وارتمت بين ذراعيه وهي تقول فى تأثر 
أنا بحبك اوي يا يوسف ربنا يخليك ليا 
لم يهتم مثلها بأى شىء حوله وهو يضمها اكثر 
ويخليكى ليا يا اغلى من عمري كله 
أخذت صوفيا وضع الجنين وهي تنام في فراشها تحدق في اللاشىء وعقلها غارق بالتفكير بكل شىء في حياتها كلها من بدايتها 
في زين
اه من زين 
لماذا ظهر في حياتها من الأصل 
لم يكن سوى نسخة مكررة من غيره لقد غامرت بنفسها من اجل ان تنقذ شقيقته 
غامرت من أجله هو 
من أجل التقاليد التي طالما حاول تلقينها اياها وكانت أخته على وشك الخروج عنها 
لم يعطها أي فرصة للدفاع عن نفسها وهو يصفها بأشنع التهم كأنها لم تكن كتابا مفتوحا أمامه طيلة الفترة الماضية 
أطاعته فى كل شىء وتخلت عن عنادها من اجله وفي المقابل لم يتوان عن اصدار احكامه القاسېة وتنفيذها لم يتوان فى انتهاك جسدها بتلك الطريقة ولو فكر فى سؤالها مجرد سؤال لأخبرته حتى لو لم يكن لديه أدنى حق فى المعرفة كانت ستفعل 
هل بلغ به تفكيره ان يظن انها بائعة هوى تسلم جسدها لأيا كان 
وفى تلك اللحظة تمنت لو لم تحبه بعدما كانت ترى ان حبه هو اجمل شىء حدث لها 
ألم يكن بمقدوره ان يكون اكثر رحمة 
الم يكن 
اخبارك ايه دلوقتى 
اخرجتها الطبيبة من افكارها فتمتمت 
احسن الحمد لله 
عقدت الطبيبة ساعديها وقالت في رفق 
لسة بتفكرى فى اللى حصل انا قولتلك لو حبيتى تقدمى بلاغ فى الراجل ده انا مستعدة اشهد معاكى 
اغمضت صوفيا عينيها فى الم 
مبقتش فارقة 
قالت الطبيبة وهي تميل اليها 
بس الراجل ده صعب اوى نفذ اللى عايزه ڠصب عن ابنه ومن وراه كمان 
التهمت اذن صوفيا الكلمات فاعتدلت بسرعة وهى تسألها في لهفة 
انتى قولتى ايه اللى عمل كدة ابو زين مش زين نفسه 
هزت الطبيبة كتفيها قائلة 
معرفش زين مين بس الشاب
اللى كان معاه كان هيصور قتيل ساعتها واضح ان ابوه اتصرف من وراه 
وضعت صوفيا جبينها بين كفيها وفركته فى قوة وهى تتمتم 
يعنى مش زين مش زين 
وعادت لتهمس فى خيبة امل 
طب ليه سابنى ومسألش عني من وقتها 
لم تملك الطبيبة اجابة هذه المرة فأغمضت صوفيا عينيها وهي ترتمي من جديد على وسادتها لتأخذ وضعها القديم مواصلة في رجاء 
من فضلك سيبينى لوحدى 
تركتها الطبيبة بناءا على رغبتها لتحاول أن تعادل افكارها من جديد بعد ما علمته 
هل لا زالت تسخط على زين 
ام انتقل

هذا السخط على والده 
هل لم يعد مذنبا من وجهة نظرها 
أغمضت عينيها فى حزن فالان علمت انه من المحال ان تتقبلها هذه العائلة فهل عليها ان تفكر فى عرضه السابق بالابتعاد عنهم من جديد ولكن 
اوقفت افكارها تماما وهى تغطي رأسها بالوسادة لتحاول الهرب من كل شىء لن يمكنها اتخاذ قرار مناسب وهي في هذه الحالة لحظات و شعرت بباب الغرفة يفتح فظنته احدى الممرضات لتهتف فى تأفف 
قلت مش عاوزة 
وقطعت كلماتها ليتسع ثغرها وتنهمر دموعها فى حرارة هذا بالفعل كل ما كانت تحتاجه الان 
الفصل السابع عشر 
ارتمت صوفيا بسرعة بين ذراعي ايلينا وكأنها افتقدتها منذ مائة عام 
أخذت تتمتم بين دموعها 
سيبتينى لييه ايلينا سيبتينى ليه 
جلست ايلينا فى المقابل وهي تضمها فى قوة تحاول بها التغلب على ارتعادها ونحيبها بينما تمرر اصابعها في شعرها وتقبل رأسها فى حنان حاولت ان ترفع وجهها لتتحدث اليها ولكن الأخرى أبت ذلك وتشبثت بها أكثر 
رضخت ايلينا لرغبتها وأبقتها دقائق في أحضانها تهدهدها كطفل صغير 
أغمضت صوفيا عينيها بقوة قبل أن ترفع رأسها بصعوبة من على صدر صديقتها كأنه قد التصق به 
احتوت ايلينا وجهها بين كفيها مسحت بابهاميها دموعها وهي تمنع نفسها بصعوبة من مشاركتها البكاء صوفيا ليست مجرد صديقة صوفيا أعدتها طفلتها لسنوات طويلة رؤيتها وهي تتمزق قهرا شىء لا تحتمله مطلقا 
صوفيا حبيبة قلبي مالك 
ارتمت صوفيا بين ذراعيها من جديد كأنها تختفي
 

10  11  12 

انت في الصفحة 11 من 19 صفحات