الثلاثاء 03 ديسمبر 2024

رواية بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 4 من 102 صفحات

موقع أيام نيوز


كادت ترد سبقتها نادين كعادتها بسؤالها المبطن بالتحذير 
هو فين أونكل عايزة أسلم عليه 
أبتلعت ميرال ريقها بتوتر عندما وجدت أبيها يقترب منهم ويهتف 
أهلا يا نادين يا بنتي
أزيك يا اونكل أحب اعرفك يامن خطيبي
صافحه يامن بلباقة رغم حنقه من تلك الأجواء التي لم تعجبه بتاتا ولكنه تحامل على ذاته من أجلها لتستأنف هي بدهاء وهي تحتضن ذراع ميرال 

كنت لسه بسأل عليك ميرال علشان أقولك خليها تاخد بالها من صحتها مش عجباني خالص
عقد حاجبيه وسأل أبنته في قلق بين 
حاسة بحاجة يا بنتي مالك 
نفضت يدها ونفت براسها وببسمة بلهاء أخبرته 
بابي أنا كويسة بس نادين بتحب تهزر ياريت تروح تشوف ضيوفك وتسبني مع اصحابي
أومأ لها ببسمة حانية بينما همست نادين بجوار أذنها بتحدي 
بلاش أنا يا ميرال وبلاش تعلني الحړب علشان أنت مش قدها
ذلك ما تفوهت به قبل ان تجذبه من يده متجهة به نحو حلبة الرقص وتشاركه تلك الرقصة الرومانسية الهادئة التي تعمدت من خلالها أن تكون محط أنظار الجميع تاركة ميرال تلعنها وټلعن غبائها في آن واحد 
صباح يوم جديد داخل شركة الإنشاءات التي يملكها صاحب البنيتان القاتمة فقد كان منهمك بعمله حينما دخلت هي بطلتها الأنثاوية الصاړخة وجلست على طرف مكتبه واضعة ساق أمام نظراته التي تأكلها أبتسمت بثقة تفتنه بها ومالت عليه بجزعها وهمست وهي تلاعب ياقة قميصه 
هديتك وصلت وعجبتني اوي 
ارتفع جانب فمه بزهو وقال 
حبيبتي انت تشاوري وانا انفذ 
قال آخر جملة بغمزة من بنيتاه لتضحك هي قائلة بدلال 
قلبي الحنين انت
ابتسم وبنيتاه تهيم بها وهمس قائلا متناسي وعده لزوجته وأطفاله 
أيه رأيك نقضي اليوم مع بعض واسهرك سهرة جنان
نفت بأصبعها أمام وجهه يمينا ويسارا ثم تحججت 
ماما مش هترضى دي بتبهدلني لما بتأخر بره
صعب ماما اوي مش كده 
سألها بعفوية لم يقصدها ولكنها استغلت قوله وأكدت 
جدا دي پتخاف عليا مۏت وعلشان كده مش بخبي عليها حاجة وقولتلها إن بكون معاك وقولتلها انك عايز تقابلها
زاغت نظراته وسألها بريبة 
حكيتلها عني !!!
أجابته بترقب 
اه هو انت مضايق !!
لأ بس انا قولتلك رأي في الموضوع ده انا محتاج وقت
لتزفر هي بضيق وتنهض بعصبية قائلة 
انا زهقت هفضل مستنية لغاية امتى انت بقالك شهور بتوعدني 
هو للدرجة دي انت خاېف منها
أغمض عينه بقوة يحاول أن يلاحق الموقف رغم حدتها وعصبيتها معه 
منار بلاش تستفزيني انا مش بخاف من حد كل الموضوع إني
عايز أمهد لها ومش لاقي فرصة مناسبة 
وانا مفكرتش فيا وانت معلقني معاك بقالي شهور 
حبيبتي بفكر والله بس ڠصب عني اعذريني وصدقيني انا بقيت مقدرش اعيش من غيرك و نفسي تبقي ليا النهاردة قبل بكرة انا بس محتاج شوية وقت
لتهمهم ببراءة لم تكن ابدا من شيمها وهي تتعلق بعنقه وتلاعب بأناملها أطراف شعره بحركة أرهقته 
انت عارف إن مش انانية ومش عايزه اخرب بيتك بس انا كمان ڠصب عني انا الكل عينه عليا ده غير ان ماما اخدة بالها وكل يوم تسألني
أومأ لها بتفهم وطمئنها بعينه ثم مال نحو وجهها قائلا بغريزة رجولية باحتة 
عارف كل ده واوعدك هتصرف في أقرب وقت بس وافقي و أديني تصبيرة
بللت شفاهها جعلته يبلع ريقه ولكنها كانت ادهى منه وقالت بغنج قبل أن تتركه وتغادر لمكتبها تاركته يلعن تلك الرغبة الملحة التي تتملكه نحوها 
متستعجلش يا سونة 
رفعت حاجبها بمكر وظلت تلاعب بين اناملها الرفيعة خصلة من شعرها وهي تستمع لصديقتها وهي تقص عليها مدى استياء ميرال منها لتقهقه هي وتخبرها في غرور 
هي اللي جابته لنفسها وفكرت تلعب معايا وكان لازم اوقفها عند حدها
ليأتيها الرد من الطرف الآخر 
من يوم اللي حصل وطارق سابها وهي مش طيقاك فاكرة انك أنت السبب
رفعت جانب فمها هازئة وتشدقت 
اللي يشوف كده يا منة يقول أنها كانت بتحب طارق وفرق معاها دي مقضياها وكل يوم بتصاحب واحد جديد
اجابتها منه 
دي بتقول انك أنت اللي لفقتي الكلام عليها مع إسلام وعملت كده علشان تفوزي ب طارق لنفسك
قهقهت بكل عنجهية وأخبرتها مدعية البراءة 
أنا مش معقول دي مچنونة رسمي وبعدين طارق مين ده اللي انا ابصله ده انا معايا راجل برقبته ولا أنت مشفتهوش بعينك وشوفتي أد أيه بېموت فيا
أجبتها منه بإنبهار وبتنهيدة حالمة 
بصراحة شوفته يا بختك بيه ده مز اوي يا نادو والشلة كلها ملهاش سيرة غيركم دي حتى ميرال كانت هتاكله بعنيها وفضلها شوية وتطلع ڼار من ودانها
قهقهت نادين مجلجلة ثم أغلقت معها الخط وهي تشعر بلذة الإنتصار 
بعدما طمئنتها صديقتها بعفوية أن حيلتها قد تمت مبتغاها وأصبحت حديث الساعة بعد حفل أمس التي تعمدت أن تظهر به في قمة سعادتها بفضله لا تنكر كونه ساعدها كثيرا بلأمر فهو وسيم لحد كبير بملامحه الهادئة الرجولية البشوشة وجسده العريض وطوله الفارع و خصلاته البنية الناعمة و تلك النظرات الدافئة التي يشملها بها وأكدت للجميع أنه مفتون بها وذلك كان مبتغاها لغرض ما في نفسها 
في المساء 
كان يجلس في مكتبه داخل ذلك المطعم الصغير الذي يعتز به كثيرا كونه يملكه من حر ماله بعيدا عن ممتلكات الراوي التي يديرها فكان
يستند على ظهر مقعده بكل أريحية غير عابئ بكم الملفات المتراكمة أمامه وتحتاج لتدقيقه فقد كان شارد يبتسم كل حين وآخر بلا سبب مما جعل صديقه يشاكسه ما ان دخل مكتبه 
والله كنت بعقلك يا صاحبي أيه اللي حصل 
ايه ده إيه الزيارة الحلوة دي اخيرا افتكرتني
ابتسم حسن بود وشاكسه 
ياعم متغيرش الموضوع بقول اللي واخد عقلك يتهنى بيه
أبتسم يامن ببشاشته المعتادة وأخبره بخفة 
قر يا بن القرارة ماهي ناقصة
قهقه حسن وهدر بخفة مماثلة 
يا عم مش بقر انا بحسد بس حتى شوف عيني مدورة واسأل على بركاتي
يا ستاااااااار أعوذ بالله
قهقه مرة أخرى وسأله 
بجد مالك حصل جديد فضفض انا خبرة هفيدك
هز يامن رأسه بلا فائدة وقال ساخرا 
بعد التصريح الخطېر بتاعك ده أخاف أفتح بوقي ده انا بفكر أقطع علاقتي بيك يا فلاتي
بقى كده والله انت اللي خسران وبعدين بطل فلاتي دي هتشبهنا
قهقه يامن و عاتبه 
طالما انت جبان كده وپتخاف من مراتك يبقى تحترم نفسك
نفى برأسه وأخبره ببراءة لا تخص نواياه بشيء
مراتي دي ست الناس كلها وعلى راسي بس الموضوع مش بإيدي يا يامن انت راجل زي وأكيد هتفهمني
أفهم أيه يا حسن مراتك بنت ناس وزي القمر ومش مقصرة معاك في حاجة ده غير انها عندها استعداد تعمل علشانك اي حاجه
تنهد بعمق وسايره بنبرة غامضة 
عارف وعلشان كده مفيش حاجة هتتغير هتفضل هي أم عيالي وعمري ما افرط فيها
تنهد يامن ونصحه بتعقل 
اتقي الله يا حسن وارضى باللي اتقسملك ولو مراتك فيها عيب مش عجبك حاول تصلحه وبلاش دناوة
لوح حسن بيده وأخبره بسخط
ياعم أصلح ايه ولا ايه
وبعدين وفر نصايحك انت عارف أن دماغي جازمة ومش هعمل غير اللي انا عايزه
ليصيح يامن بقلق 
والله انا خاېف دماغك دي توقعك في شړ أعمالك و تخليك ټندم و تقول يارتني
ليرفع حسن حاجبيه بخبث ويصرح وهو يهندم ياقة قميصه بغرور 
لا متقلقش صاحبك حويط
ضړب يامن
كف على آخر بعدم رضا من قناعات صديقه البالية وهدر بيأس 
انت غبي أقسم ب الله مفيش ست غبية ومش بتحس بخېانة جوزها انت اللي غبي وفاهم انك حويط هي لو شكها اتملك منها هتحطك في دماغها وساعتها قول على نفسك يا رحمن يا رحيم
قهقه حسن وشاكسه 
اه زيك كده 
قذفه يامن بالملف الذي أمامه كي يكف عن سخافاته بينما هو تفاداه و اڼفجر ضاحكا عندما أمره يامن بسأم 
غور من هنا يلا زهقت منك
لينهض كي ينوي المغادرة وقال بمشاكسة كي يستفز الآخر 
انا اصلا ماشي علشان المزة بتاعتي مستنياني في العربية ومش عايز اتأخر عليها أنا بس جيت أثبت حالة علشان لو رهف اتصلت سألتك عني
أمتعض وجه يامن بعدم رضا و وبخه بحدة 
وكتاب الله انت واطي انا بجد مش مصدقك انت ازاي كده 
رفع حسن منكبيه بلامبالاه وقال وهو يهم بالمغادرة 
ياعم فكك ويلا سلام واه متنساش تسلملي على خالتي والمزة بتاعتك اللي مطلعة عينك
مزة ومطلعه عيني
قالها يامن وهو يضرب كف على آخر ويستغفر بضيق ويدعو له بصلاح حاله وبعد ثوان معدودة ترددت جملته بعقله 
ليقر بذاته وهو يتنهد بعمق ويسند رأسه للخلف على ظهر مقعده 
هي فعلا مطلعة عيني ياصاحبي 
وعند ذكرها ترأى أمام عينه تلك الرقصة الحالمة التي أهدته اياها امس ليبتسم بوله تام وهو يتذكر بسمتها الفاتنة تلك التي تفقده صوابه 
تعدت منتصف الليل حين أوصلها تحت بنايتها بذلك الحي الهادئ المعتم بعض الشيء فبعد سهرة حالمة استمتعوا بها كثيرا نظر هو لها وقال بنبرة لطيفة للغاية 
هتوحشيني لبكره
ابتسمت هي وردت بتنهيدة حارة 
أنت هتوحشني أكتر يا سونة 
تصبح على خير
وإن همت بأخذ حقيبتها سحب هو يدها ووضع قبلة على ظهر يدها جعلتها تقطم شفاهها وتغوص بعيناها داخل بنيتاه وهي تحاول أن تتمالك ذاتها ولا تفعل ليهمس هو بتلك الكلمة التي يبخل على زوجته بها ويمنحها ببذخ لغيرها 
بحبك يا منار
زفرت هي ودون أن تعطيه أي فرصة للتفاجئ حتى كانت تطبق بشفاهها على شفاهه وتقبله بشغف وبجرأة لأول مرة يحظى بها من أنثى مما جعله مشدوه من فعلتها لبعض ثوان قبل أن يبادلها تلك القبلة العاصفة التي دامت لعدة دقائق بينهم ولكن حين شعرت بيده تتجرأ قليلا أوقفته وانسحبت بأنفاس لاهثة قائلة بتقطع 
آسفة مكنش لازم اعمل كده
نفى برأسه وهو يحاول أن يتحكم بتنفسه وقال 
حبيبتي انا عارف انك بتحبيني 
وعمري ما هفهمك غلط
أومأت تؤيد حديثه وقالت بنبرة راجية قبل أن تغادر السيارة بخطوات مسرعة من شدة حرجها 
وعلشان كده لازم تتصرف يا حسن انا مش قادرة أبعد عنك أكتر من كده
نظر هو لآثارها بغيظ بعدما أججت مشاعره فأحل رابطة عنقه وينزع سترته ثم يزفر پغضب لأبعد حد ويضرب المقود بقبضة يده عدة ضربات متتالية قبل أن ينطلق بسيارته بسرعة چنونية عائد لمنزله غافل عن تلك البسمة المتخابثة التي تعلوا وجهها الآن وهي تراقبه خفية من بعيد
الفصل الثالث
لا تجازف بالكذب على امرأة تؤمن بقوة إحساسها 
نجيب محفوظ
ظلت تنتظره هي واولادها لعدة ساعات كي يفي بذلك الوعد الذي لم يعيره هو أي أهمية وكأنهم هم أخر أولوياته مما جعلها تشعر بالحنق منه ولكن ليس من اجلها بل من أجل اطفالها الذي لم يبذل أي مجهود ليتقرب منهم أو لتحقيق رغباتهم كانت تخطوا ذهابا وايابا حين 
دلف لتوه من باب غرفتهم بخطوات حثيثة ظن منه انها قد غفت مما جعله يتحمحم يجلي صوته ويسألها بمزاج عكر 
لسة صاحية ليه
أجابته بهدوء عكس ثورة دواخلها وتلك
 

انت في الصفحة 4 من 102 صفحات