رواية بقلم رحمة السيد
تتنفس بصوت مسموع تدرك مدى عمق جرحه الذي يتناثر نزيفه بين حروفه تكاتلت عليه وحوش الغيرة التي غذاها ذاك المشهد لتمزقه ببطء وبقسوة...!
ولكن لن تتراجع وتخمد نيرانها هي حتى تتم ما جاءت من أجله... فابتلعت ريقها قبل أن تتشدق بصوت مبحوح تتمنى أن يفهم ما تعانيه
أنا مش هقدر أمشي لو معملتش كده يا بدر افهمني بليز
هنا...حيث السكون... حيث لا يدوي صوت سوى صوت أنفاسهم اللاهثة حيث عينيها المخضبة بالۏجع حين تمتزج بعيناه السوداء العميقة في وصال حار مهلك من العاطفة جعل الدنيا صغيرة جدا خلال تلك اللحظات في نظرهما...
أنا لازم اوجع قلبهم على المكان القذر ده زي ما وجعوا قلبي بقسوتهم وجحودهم لازم أحرق المكان ده علشان يعرفوا إن القرف ده ممكن يغور وميبقالوش وجود في أي لحظة لكن أنا لأ انا بنتهم من لحمهم ودمهم... أنا اللي هفضل باقية ليهم !
ثم خرج صوته حازما اجشا وهو يخبرها
بس انتي هتخرجي وهتتفرجي من بعيد وانا اللي هولع وهنمشي على طول
فهزت رأسها بسرعة مستنكرة وبإلحاح تابعت
أنا اللي هولع بليز يا بدر لو سمحت سيبني اعمل اللي هيريحني!
حاول بدر سحبها ولكنها كانت متيبسة ترفض الخضوع وتحدق بتلك النيران بوله وكأنها السکين الذهبية التي نالت بها قصاصها...
ليردف بدر بحدة محذرا إياها
يلا يا أيسل أكيد الناس هتتلم دلوقتي اول ما يحسوا بالحريق
طيب يلا
ولكنها حينما تحركت لم يسعفها الحذاء ذو الكعب العالي والبنزين المسكوب ارضا لتلتوي قدمها وتسقط ارضا لتمسها تلك النيران للحظات معدودة من الزمن ولكنها صړخت پألم وهي تبتعد بسرعة في نفس اللحظات التي سحبها بدر بها بقوة...
انتي كويسة الڼار طالتك
أيوه إتلسعت بس بسيطة يلا نمشي
في القرية....
تحديدا في غرفة قاسم البنداري...
خرج صوته حاملا الاشتياق... ذلك الشعور المتزايد حد الۏجع.. حينما تشتاق وتجن معاقيل روحك لروح لم تعد في دنيانا... ولم يمهلك القدر فرصة لتنتشل بضع ذكريات من مخالبه لتعيش عليها..... بل تركك خالي الوفاض.. تعاني مرارة الأمرين والاشتياق مشتركا بينهما...!
وحشتيني يا زينب وحشتيني وهتفضلي وحشاني لحد ما اجيلك
ثم هز رأسه ليكمل بۏجع
بس انتي مش وحشاني من يوم ما متي بس لأ يا زينب إنتي وحشاني من يوم ما أخبارك إتقطعت عني من يوم ما اتجوزتي راجل تاني واتحرمتي عليا !
ثم إرتسمت ابتسامة عرجاء ضعيفة على ثغره وهو يستطرد بذات النبرة
بس تعرفي
يا زينب بنتك مش شبهك ممكن تكون شبهك في الشكل لكن الروح لا... بتك قوية وشرسة وقادرة تدافع عن الراجل اللي بتحبه ماستسلمتش للواقع... بتحارب وهتحارب
ثم هز رأسه بصلابة ليكمل وكأنه يوعدها ويطمئنها
بس متقلقيش أنا شايلها فوق راسي والله عارف إن يونس ابني عنيد وبيقسى عليها حتى لو حاول مايبينش قدامنا لكن والله من جواه حنية الدنيا
وعادت تلك الابتسامة للظهور وهو يردد بشجن
تعرفي يا زينب من اول لحظة لمحتها فيها في اليوم اياه لما حصل الموضوع اياه بينها وبين يونس وانا لاحظت الشبه الواضح بينكم وماكدبتش خبر وخليت معارفي يجبولي من الشغل اللي كانت فيه كل المعلومات عنها وشهادة وميلادها وكل حاجة ومن اللحظة اللي عرفت فيها إنها بنتك وانا قررت إن يونس لازم يتجوزها مع اني مش مصدق إن يونس يعمل فيها كده انا ماربيتوش على كده يا زينب لكن ماسبتش للشيطان سبيل وقولت لازم اجوزهم ولو ليهم نصيب في بعض ربك قادر يربط خيوطهم ببعض
ثم هز رأسه بسرعة
ماكنتش اقدر أظلمها وأخليها تعاني زي ما انتي عانيني يا زينب انا اسف يا زينب.. انا اسف يا غالية
فرك عيناه يمنع تلك الدمعة التي كانت تلح ليطلق سراحها من بين جفناه ولكنه أبى.. فتابع بصوت حاني وبنبرة مخټنقة
بس انا بحبها اوعي تكوني مفكره إني بكرهها علشان هي مش مني لا.. انا بحبها عشان هي بنتك انتي كل ما اشوفها هشوفك فيها
ثم عاد ليتحسس الصورة متمتما بصوت يكاد يسمع
انا اسف سامحيني يا زينب.. سامحيني يا حبيبتي !
عودة للقصر.....
وصل كلا من أيسل وبدر... فنهضت فاطمة التي كانت تنتظرهم على أحر من الجمر لتركض نحو أيسل صاړخة بفرحة وقد تهللت أساريرها
أيسل وحشتيني اليوم ده يا حبيبة ماما
وانتي كمان وحشتيني اكتر يا مامتي
رفعت فاطمة رأسها لتتفحصها بقلق ليطمئن قلب الأم الملتاع داخلها
إنتي كويسة يا